×

ألمانيا : تعثر لم الشمل.. يعمق ألم أُمٍ على ابنها اللاجئ في ألمانيا .. فهل من مجيب .. التفاصيل !

ألمانيا : تعثر لم الشمل.. يعمق ألم أُمٍ على ابنها اللاجئ في ألمانيا .. فهل من مجيب .. التفاصيل !

كثيرة هي حالات لم الشمل المتعثرة، والتي تكون من بينها حالات إنسانية تبحث بكل الطرق عن الاجتماع بفرد من أسرتها. مهاجر نيوز يتطرق لقصة إنسانية، فرق اللجوء فيها بين أم وابنها، وعمق ألم الفراق تعثر لم الشمل بعد أزمة صحية ألمت بالشاب وهو وحيد في ألمانيا.

لم تنته معاناتها عند رؤية ابنها شبه مشلول فاقدا للنطق وأحيانا الذاكرة، بل تمادى الألم واشتد بسبب بُعْدِ المسافات وأن ترى “قدور” وحيداً في محنته هذه. ربيحة السماحي، أم سورية غادر ابنها الشاب سوريا رفقة ثلة من أصدقائه نحو ألمانيا سنة 2015 بحثاً عن مستقبل أفضل بعيداً عن الدمار الذي حل بكل ما تملك أسرته. وصل إلى ألمانيا وحصل على حق اللجوء، وبدأ يدرس اللغة الألمانية من أجل معادلة ديبلوم الصيدلة الخاص به.

لم يتوقع قدور أن حياته ستنقلب رأسا على عقب إثر مرض أصابه فجأة، فخلال سنة 2019 شعر قدور بأعراض تعب شديد، وطلب موعداً لدى الطبيب. بعد فحوص عامة والبداية بأدوية خفيفة، كانت الحالة تزداد سوءاً، مما اضطر أحد الأطباء إلى أخذ عينة من نخاعه الشوكي، وحقنه بمادة حسب تصريحات الأم، إلى اليوم لم يكتشف قدور ماهيتها.

بعد ذلك مباشرة أصيب الشاب السوري بشلل خفيف في مختلف أجزاء جسده، حسب ما تحكيه والدته. واستمر الأطباء المشرفين على حالته بمنحه أدوية أساسها الكورتيزون، وتم تشخيصه بمرض Fly.x ، وبعدها مرض Clipper Cydrom، كلها كانت تشخيصات “خاطئة” حسب ما رواه قدور لوالدته، وهو ما لم يتسنى لمهاجر نيوز التأكد منه.

لما يزيد عن السنتين، ظل قدور ينقل من مشفى إلى آخر، ومن تخصص إلى آخر، إلى أن ساء وضعه كثيراً، وصار صعباً عليه أن يعيش بمفرده، فوجد نفسه في دار لرعاية المسنين بمدينة دورتموند، لكنه لم يستمر فيها لمدة طويلة ثم غادرها ليعود لمنزله.

حاول قدور حتى قبل مرضه أن يجلب أمه للعيش معه، لكنه فشل. وحاولت هي كثيراً بعد تدهور حاله، “طرقت كل الأبواب، هنا في سوريا وفي لبنان، وطلبت من محامي ابني مساعدتي، ووكلت محاميا خاصا أيضا، لكن بلا فائدة”، تقول الأم.

لم الشمل.. لا يشمل الوالدين

أم قدور ليست الأم الوحيدة التي تنتظر حلا للقاء ابنها في ألمانيا، لكن حالته الصحية الحرجة التي تستدعي وصولها إليه في أقرب فرصة هو ما يجعل قصتها تأخذ طابعاً إنسانيا، لكن القوانين الحازمة لا تدع مجالا لحلول سريعة.

حسب موقع البعثات الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، يمنح قانون الإقامة الألماني الحق القانوني بلم الشمل العائلي فقط مع الزوج/الزوجة، الأطفال القصر العازبين (لم الشمل مع الأبوين) و لم الشمل العائلي للأبوين مع طفلهم القاصر والغير مرافق الحاصل على الحماية.

لا يشمل هذا الحق القانوني لم الشمل العائلي للأبناء أو البنات البالغين للسن القانوني و/أو المتزوجين أو الاشقاء مع أهلهم كما لا يشمل لم الشمل العائلي للأبوين مع الابن/الابنة البالغة للسن القانوني.

يكون لم الشمل العائلي في هذه الحالات فقط ممكناً في حالات استثنائية. المرجعية القانونية في هذه الحالة هي المادة § 36 الفقرة 2 من قانون الإقامة الألماني. إن الشروط الواجب توفرها لكي ينال الطلب قرارا إيجابياً هي وجود ظروف قاهرة في العائلة،وهذا يعني أن مصير اللجوء لوحده غير كافٍ قانونياً.

بالإضافة إلى ذلك يكون لم الشمل العائلي ممكناً في هذه الحالات فقط عندما يتم تقديم إثباتات عن تأمين نفقات المعيشة والمسكن الكافي للعائلة دون استخدام الأموال العامة. وتتم دراسة كل حالة استثنائية على حدا بعد إجراء مقابلة شخصية في قسم التأشيرات وذلك بالاشتراك مع دائرة الأجانب المسؤولة.

صعوبات قانونية وعراقيل!

“حالة ابني لا تسمح ببقائه وحيداً، غير قادر على الحركة، لا يعتمد على نفسه في شيء، لا يستطيع حتى فتح الباب لمن أستنجد بهم هاتفيا للاطمئنان عليه عندما لا يتمكن من الوصول لهاتفه للرد على مكالماتي”، تحكي أم قدور في حديث لمهاجر نيوز.

لقطة من فيديو التقطه شباب سوريون لقدور وبعثوه لوالدته وهم يساعدونه على المشي والخروج من دار العجزة حيث كان يقطن ليوصلوه إلى المنزل

تنتظر هذه الأم منذ سنتين من أجل الحصول على الموافقة لزيارة ابنها، ورغم توفرها منذ مدة طويلة على تقرير طبي يشهد أن وضعية ابنها تحتاج تواجدها بجانبه من أجل رعايته، إلا أن ذلك لم يفدها في شيء، وماتزال المعاملات الرسمية تأخذ وقتاً طويلاً ولا تشفع حالة الابن له لحضور أمه.

غير ذلك واجهت أم قدور مشكلة مع محامي ابنها الموكل من قبل السلطات ليتكلف بملفه، إذ أكدت أنه لا يرد على مكالماتها ولا استفساراتها عبر البريد الإلكتروني، وتظل وضعية ابنها الصحية والقانونية مجهولة لأيام حين تتدهور حالته.

“اليوم يعيش ابني قدور في مكان متسخ وعفن، لم يستحم لأسابيع لأن ليس معه من يساعده، حاله أثر على نفسيته كثيراً، وهو ما يسرع في تراجع وضعه الصحي كثيراً”، لا أريد شيئا غير التواجد مع ابني ورعايته.

أصل المشكل.. صراع سياسي!

لأن طلبات لم الشمل كثيرة، فقد قامت المنظمة الدولية للهجرة بالتعاون مع وزارة الخارجية بافتتاح مكاتب في إسطنبول وغازي عنتاب وبيروت تقدم الدعم لأقارب اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ألمانيا عند تقديم طلب لجمع شمل العائلة، وهي مكاتب تواصلت معها أم قدور دون أي نتيجة حسب قولها.

الوضعية برمتها، ومن بينها الحالات الإنسانية مثل قصة قدور ووالدته، يجدها عدنان الناشي، ناشط حقوقي سوري مقيم بألمانيا، ومهتم بقضايا اللجوء واللاجئين، قضية سياسية محضة نتج عنها محنة إنسانية راح ضحيتها لاجئون من مختلف بقاع العالم.

“في القانون الدولي لا يوجد شيء يسمى حماية وحماية ثانوية، كانت هذه لعبة سياسية من المعارضة ضد سياسة الانفتاح التي قادتها ميركل في ألمانيا، وتم إصدار مثل هذه القرارات اتجاه اللاجئين، صحيح كانت ضمن القانون الألماني قديماً لكن مجمدة وعادوا لتفعليها إثر أزمة اللجوء”، يقول الناشي.

ويضيف المتحدث، “من حق أي إنسان طبقا للدستور الألماني أن يعيش مع أسرته، لكن السياسيين فصلوا أثواب قانونية على مقاس صراعهم السياسي في البوندستاغ ومنعوا حق لم الشمل، ضدا في كل القوانين الدولية والدستور الألماني”. “لا أجد أي مبرر لمنع حق لم الشمل للاجئين، هي معاناة تسببها هذه القوانين للملايين من الناس وهو أمر مررت به شخصيا وعانيت منه الأمرين”.

وتابع المتحدث في وصفه لبنود القانون التي تمنع لم الشمل على أفراد أسرة اللاجئين باستثناء أطفالهم القاصرين أو أزواجهم قائلا “هذا القانون مسيس، وليس قانون إنساني يستند على معاهدة جنيف بل هو قانون يستند على صراعات بين المعارضة والائتلاف الحاكم.

هذه معضلة على الباحثين البحث فيها وإيجاد حلول لها، لا أعلم كيف يفكرون عندما يمنعون أما من لم شملها بابنها طريح الفراش، هل بمجيئها إليه ستزيد مشاكل ألمانيا مثلا؟، حقيقة هذه الحالات لا أجد لها أي مبرر ولا أفهم ما منطلقاتها القانونية وإلى ماذا تستند”.

واستحضر الحقوقي السوري وجود الكثير من المنظمات الإنسانية التي تطالب بتسريع وتيرة لم شمل اللاجئين بأهاليهم دون تحديد فئات عمرية، “إلا أن التباطؤ كبير ومستمر والصراع على السلطة ينحو عكس ذلك، السياسة هي أساس معظم المشاكل الإنسانية، القضية مردها سياسي داخلي وأجندات سياسيات خارجية وحسابات اقتصادية، لذلك صار الوضع مركبا للغاية”.

م.ب عكس السير

إرسال التعليق